كتب بواسطة مجتمع رواد الأعمال بالتعاون مع جمعية رأس المال الجريئ و الملكية الخاصة
يعتمد كثير من روّاد الأعمال على التمويل الذاتي أو التمويل من العائلة والأصدقاء أو القروض الشخصية لإطلاق شركاتهم الناشئة. ولكن بعد بلوغ هذه الشركة مرحلة التوسيع والتطوير، تظهر الحاجة إلى تأمين مصدر تمويل خارجي.
وإذا كان التمويل الذاتي يمكن أن يساعد في مرحلة مبكرة، فإنّه لا يمكن أن يغطّي كافة احتياجات رائد الأعمال وشركته الناشئة في إطار سعيها إلى تسريع الأعمال وزيادة المبيعات، أو تطوير المنتجات، أو التوسّع خارج السوق المحلية. في هذا الحالات، تلجأ بعض الشركات الناشئة إلى الاعتماد على مواردها المالية الناتجة عن أرباحها التجارية، أو تبحث عن مقرضين أو مستثمرين خارجيين قادرين على مدّها بالتمويل اللازم.
تحتاج شركات التقنية في العادة إلى تمويل أكبر من تلك التقليدية بسبب تعقيد بناء هذا النوع من الشركات التي تستهدف إنشاء وتقديم حلول لمشاكل تعاني منها فئة من الناس أو تقديم حلول متناسبة مع السوق المحلية. وخلال هذه المسيرة، تحتاج الشركة الناشئة إلى وقت أطول لكي تصل إلى جني الأرباح بعد تحقيق نقطة التعادل، أي النقطة التي يساوي فيها حجم الإيرادات حجم النفقات، أو يساوي حجم المبيعات حجم التكاليف. أمّا التمويل الذي تحتاجه لتطوير منتجاتها وتوسيع أسواقها وصولًا إلى تحقيق نقطة التعادل ومن ثمّ الربحية، فيمكن أن تحصل عليه من صناديق الاستثمار الجريء التي تدرك تفاصيل هذه المسيرة.
وصناديق الاستثمار الجريء ليست مصدر التمويل الوحيد للشركات الناشئة، بل تتنوّع هذه المصادر وفقاً لمرحلة الشركة الناشئة وخبرتها وبياناتها المالية والقطاع الذي تنشط فيه، بالإضافة إلى الغرض من التمويل. على سبيل المثال، ينبغي لرائد الأعمال أن يقيّم الإيرادات الثابتة والتاريخ الائتماني للشركة الناشئة لمعرفة مدى ملاءمتها للتمويل بالاقتراض من البنوك عبر قروض مخصصة للشركات الناشئة، أو التمويل بالأسهم من مستثمرين مختلفين مثل المستثمرين الملائكيين، ومسرّعات الأعمال، وصناديق الاستثمار الجريء. وإذا كانت حالة الشركة الناشئة لا تسمح بوقوعها تحت ضغوطات شهرية لتسديد الديون، فعندها يكون الخيار الأنسب هو التمويل بالأسهم.
لذلك، مهما كان مصدر التمويل الخارجي، يمكن أن يبدأ رائد الأعمال بالبحث عنه منذ انطلاقة الشركة الناشئة وحتى وصولها إلى الاكتتاب العام؛ وفيما يلي أمثلة على الحالات التي تدفع رائد الأعمال إلى البحث عن التمويل:
عند إطلاق الشركة الناشئة: في المراحل الأولى للشركة أو في المراحل المبكرة لمشروعها في الإنتاج والتسويق، قد يكون أول تمويل تحتاج إليه هو قرض شخصي صغير للمساعدة في تكاليف إطلاق المشروع، أو دعم من العائلة والأصدقاء، أو الإرشاد والدعم المادي من حاضنات ومسرّعات الأعمال.
عند مواجهة مشاكل في تدفق السيولة المالية: تمرّ أغلب الشركات الناشئة بمراحل يضعف فيها تدفق السيولة المالية، سواء بسبب التقلّبات الموسمية أو النفقات غير المتوقعة أو تأخير دفع المستحقات من قبل العملاء. وفي مثل هذه الحالات، يمكن اللجوء إلى تمويل خارجي كالقروض قصيرة الأجل من الشركات المقدمة لنشاط التمويل، أو البنوك أو منصّات التمويل الجماعي، أو الحصول على تمويل من المستثمرين.
عند التوسّع: في حال السعي إلى التوسّع والنمو، يمكن اللجوء إلى قرض تجاري صغير، أو الحصول على الاستثمار من المستثمرين الملائكيين أو جهات الاستثمار الجريء أو الحاضنات والمسرّعات، للمساعدة في التكاليف الأولية للتوسّع.
مواجهة التكاليف غير متوقعة: خلال رحلة إنشاء الشركة، قد تطرأ زيادة غير متوقعة في تكاليف تطوير المنتج، أو تكاليف التسويق، أو التوصيل، أو التوظيف أو حتى إيجارات المكاتب. في مثل هذه الحالات، يمكن تأمين التمويل عبر القروض قصيرة الأجل من الشركات المقدمة لنشاط التمويل، أو البنوك، أو منصّات التمويل الجماعي، أو المستثمرين.
عند وجود فرصة متاحة: في بعض الأحيان، تظهر فرص كبيرة لا يمكن تفويتها، مثل ارتفاع الطلب على منتجات موسمية أو ارتفاع عدد مستخدمي تطبيق ما بصورة كبيرة، ولكن لا يمكن استغلالها لعدم وجود التمويل الكافي لاستغلال الفرصة. هنا تظهر الحاجة الملحّة إلى تأمين مصدر تمويل خارجي فورًا لمجاراة هذا الطلب الكبير. في حال كانت الشركة تحتاج إلى المال في وقت قصير، فيصبح التمويل من المؤسسات المالية أو البنوك أو منصّات التمويل الجماعي أجدى لأنّ عملية الموافقة على القروض أسرع. أمّا في الحالات التي يكون أمام الشركة وقتًا لإعداد خطط تأمين التمويل لتلبية الفرص المتاحة، يمكن اللجوء إلى المستثمرين.
من بين خيارات التمويل الخارجي الذي تلجأ إليه الشركات الناشئة، وبشكل خاص في مجال التقنية، هي التمويل بالأسهم أو التمويل بالاقتراض.
التمويل بالأسهم هو عملية زيادة رأس المال الشركة الناشئة من خلال بيع أسهمها للمستثمرين، بما يمكّنها من جمع المبالغ المالية المطلوبة لسدّ التكاليف على المدى القصير، أو جمع مبالغ كبيرة لتمويل الشركة وتعزيز نموّها وتطويرها.
فيما يلي بعض الفوائد التي تحققها الشركات الناشئة من خلال التمويل بالأسهم:
عدم القدرة على الاستدانة: إن كانت الشركة الناشئة لا تمتلك أصولًا مادية أو تدفقات نقدية كافية، سيكون من الصعب عليها اللجوء إلى الاقتراض لأنّ البنوك يمكن أن تراها ذات مخاطرة كبيرة عليها. ولذلك، يمكن للشركة الناشئة أن تعدّ خطّة للتمويل وتلجأ إلى التمويل مقابل الأسهم، أي الحصول على تمويل من المستثمرين باختلاف أنواعهم.
تجنّب أزمات الاستدانة: تفضل الشركات الناشئة أو الصغيرة غالبًا تجنّب أعباء إضافية كالديون في وقت مبكر، لذلك تفضّل أن تحصل على تمويل من المستثمرين مقابل أسهم يحتمل أن ترتفع قيمتها في المستقبل.
اكتساب الخبرات: يساعد الحصول على التمويل بالأسهم في اكتساب الخبرة والمهارات جرّاء التعامل المباشر مع المستثمرين الذين سيكونون بمثابة مرشدين للشركات الناشئة، بفضل خبرتهم في تأسيس الأعمال الريادية، وامتلاك شبكة علاقات مهمة في مجالات وقطاعات عمل الشركة الناشئة، أو القدرة على تقديم الدعم بصور مختلفة سواء في مرحلة تأسيس الشركة الناشئة أو في مرحلة البدء بتسويق المنتج أو الخدمة.
التمويل بالاقتراض هو نوع من التمويل الذي يقدّم للشركات الناشئة من قبل جهة مقرِضة، مثل البنوك التجارية، والشركات المقدمة لنشاط التمويل المتنوعة، أو من خلال التمويل العائلي والأصدقاء، على أن يُسدّد القرض أو بالاقتراض خلال فترة معينة من الزمن وبرسوم محددة.
وفيما يلي بعض مزايا التمويل بالاقتراض للشركات الناشئة:
الحفاظ على كامل الأسهم: على عكس التمويل بالأسهم، لا يؤدّي حصول الشركة الناشئة على القرض إلى بيع أو تقليص ملكية مؤسسي الشركة، وهو ما قد تعتبره بعض الشركات ميزة رئيسية لها.
فترة زمنية محددة: التمويل بالديون على عكس التمويل بالأسهم لا يؤدّي إلى تملّك المستثمر لأسهم في الشركة، بل يرتبط بمدة محددة هي مدّة تسديد القرض، ويجب على الشركة الناشئة سداد المبلغ المستدان في خلالها، ثمّ تنتهي العلاقة مع المقرض.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشركات الناشئة الحصول على التمويل بالاقتراض في أي مرحلة تختارها، على عكس التمويل بالأسهم الذي يحدث فقط ضمن الجولات الاستثمارية جولات معينة.
ما هو تأثير المرحلة التي تمرّ بها الشركات الناشئة على نوع التمويل الذي تحتاجه؟
تقسم مصادر التمويل للشركات إلى عدة خيارات للحصول على التمويل اللازم، وذلك تبعًا لعدة عوامل تحدد الخيار الأنسب لكل رائد أعمال، أهمّها المرحلة التي تمرّ بها الشركة.
تنقسم هذه المراحل إلى عدة فئات، بما في ذلك ما قبل البذرة، والتمويل البذري (التأسيسي)، والمرحلة أ، والمرحلة ب، والمرحلة ج، وما إلى ذلك، وصولًا إلى مرحلة الاكتتاب العام.
التمويل ما قبل البذرة يمثّل الخطوة الأولى في طريق حصول الشركات الناشئة على تمويل مناسب، ولكنّه لا يعدّ جولة أساسية ضمن الجولات الاستثمارية، لأنّ هدف الشركة حينها يقوم على إجراء بحث السوق.
ويشكّل التمويل البذري أو التأسيسي المرحلة الأولى الرسمية ضمن الجولات الاستثمارية، حيث يركّز فريق العمل على إنهاء المنتج الأساسي للشركة لبيعه للعملاء المستهدفين. هذه المرحلة حساسة وخطرة بالنسبة للمستثمرين، وتحصل الشركة فيها على استثمارات صغيرة، لا سيما وأنّها تمرّ في مرحلة ابتدائية وغير مستقرّة ويمكن لأي ظرف مفاجئ أن يؤثر عليه سلباً ويؤدي إلى خسارة المستثمر ما قدمه من مال. ولذلك يلجأ رائد الأعمال إلى مبادرات داعمة مثل مسرّعات الأعمال، أو المستثمرين الملائكيين المستعدّين لضخّ جزء من أموالهم بهدف تنمية المشاريع الناشئة مقابل عوائد مالية كبيرة متوقّعة، أو القروض البنكية الصغيرة من البنوك أو صناديق الاستثمار أو القروض المدعومة حكوميًا.
عندما يصل المشروع إلى المرحلة الأولى من النجاح في المبيعات والأرباح والنمو والحصة السوقية التي تحقق له النجاح المطلوب، يعمل المؤسسون على المرحلة أ. في هذه المرحلة من القبول في السوق، يصبح الحصول على التمويل أسهل، ويمكن اللجوء حينها إلى مسرّعات الأعمال وشركات رأس المال الجريء أو الحصول على قروض متوسطة. أمّا الهدف من التمويل في هذه المرحلة، فيكمن في تطوير المنتجات وتحسينها والتخطيط للخطوات المستقبلية وزيادة الحصة السوقية والتوسّع.
وفي المرحلة ب تكون الشركة الناشئة قد وصلت إلى مرحلة التوسّع في السوق المحلي مع تحقيق نجاح كبير من حيث التوسع والأرباح والنمو وتطوّر المنتجات. ويمكن في هذه المرحلة والمراحل التي تليها أن تطلب الشركة التمويل من المستثمرين السابقين، أفرادًا وشركات رأس المال الجريء، لتعزيز توسّع الشركة في الأسواق الإقليمية ولاحقًا العالمية، قبل طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام في البورصة.
والمرحلة ج هي المرحلة التي تكون فيها الشركة الناشئة أكثر استقرارًا، ويتكون جذابة للمستثمرين بسبب توسعها ونموها. ويهدف الحصول على الاستثمار في هذه المرحلة إلى تطوير منتجات وخدمات جديدة أو الوصول إلى أسواق أوسع أو أسواق جديدة سواء في البلد نفسه أو خارج الحدود.
أمّا مرحلة الاكتتاب فهي تعتبر المرحلة الأخيرة من الاستثمار حيث تطرح الشركة الناشئة أسهمها للاكتتاب العام، بحيث يمكن للجمهور من الناس شراء أسهم في هذه الشركة من البورصة ليصبحوا مساهمين فيها.