جمعية رأس المال الجريء والملكية الخاصة

اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة والسندات القابلة للتحويل

كتب بواسطة مجتمع رواد الأعمال بالتعاون مع جمعية رأس المال الجريء و الملكية الخاصة

الاستثمار بالملكية مقابل أسهم قد يكون مناسب للشركة الناشئة في المراحل المتأخرة من عمر الشركة، ولكنه قد يكون أقل نفعًا في المراحل المبكرة، وذلك بسبب التعقيدات والتحديات. فالشركة الناشئة في مراحلها المبكرة يكون تقييمها منخفض نسبياً فيتطلب ذلك بيع حصة أكبر من الأسهم للمستثمرين، كما أنّ بيع أسهم في مرحلة مبكرة جدًا من عمر الشركة الناشئة قد يكون أكثر كلفة على رائد الأعمال لأنّه سيضطر عند كل جولة استثمارية لإصدار المزيد من الأسهم الجديدة لبيعها للمستثمرين مما يؤدي ما يسمى بالتخفيف (Dilution) مما يخفض من الملكية النسبية للملاك الحليين بما فيهم رائد الأعمال. أضف إلى ذلك، أنّ ملّاك الأسهم في الكثير من الحالات يطلبون المشاركة في عمليات اتخاذ القرار مما يصعب على رائد الأعمال التركيز على رؤيته للشركة الناشئة.

عندما يبدي المستثمر اهتمامًا بالاستثمار في الشركة الناشئة، لا سيما في مراحلها المبكرة، يمكن اللجوء إلى أنواع مختلفة من أدوات الاستثمار، ومنها السندات القابلة للتحويل (Convertible Notes) تأتي على شكل أسهم مستقبلية بسيطة (Simple Agreement for Future Equity – SAFE)، أو ديون قابلة للتحويل (Convertible Debt)، أو اتفاقية الأوراق المالية البسيطة (KISS – Keep It Simple Security).

السندات القابلة للتحويل بشكل عام هي أدوات ماليّة سلسلة تلجأ إليها الشركات الناشئة بهدف جمع رأس المال، وهي ديونٌ يمكن تحويلها إلى أسهم بموجب شروط معينة يتفق عليها الطرفين في تاريخ مستقبلي. وتتميّز السندات القابلة للتحويل بأنّها لا تتطلّب تقييماً للشركة الناشئة، لا سيما وأنّ الشركة الناشئة في مراحلها المبكرة قد لا تمتلك أي إيرادات أو أصول. بالإضافة إلى ذلك، لا ينطوي على السندات القابلة للتحويل تكاليف كبيرة على الشركة الناشئة مقارنةً بغيرها من أدوات وطرق الاستثمار، في حين تمنح حاملها، أي المستثمر، مميزات الدَين، وحقوق الملكية معاً عند تحويلها لأسهم.

السندات القابلة للتحويل هي سندات دَين تصدرها الشركات مع أحقية استبدالها بعدد محدد من الأسهم العادية في نفس الشركة المصدرة بنسبة تحويل محددة مسبقاً. وهذا يعني، أنّه بناءً على خيار المستثمر، يجوز تحويل سنداته إلى حصة في رأس مال الشركة الناشئة، وذلك وفق السعر المتفق عليه في وقت الإصدار، وقد يتم الاتفاق كذلك على حد أقصى لتقييم الشركة وقت التحويل. ويمكن ممارسة خيار التحويل على السند في تاريخ مستقبلي محدد أو في غضون تاريخ محدد. ومن منظور المستثمر، تكمن قيمة السند القابل للتحويل في العائد المحتمل تحقيقه من ارتفاع تقييم الشركة بعد تحويل السند إلى أسهم.

 

ما أبرز أنواع السندات القابلة للتحويل؟

في عام 2013، كانت الشركات الناشئة لا تجمع إلا مبالغ صغيرة في مراحلها الأولى وقبل أن تصل إلى الجولات الاستثمارية الكبرى، ولهذا السبب ابتكرت مسرعة الأعمال العالمية “واي كومبينيتور” (Y Combinator) ما عرف باسم “اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة” (SAFE Notes)، والتي شكلت طريقة سريعة وبسيطة للشركات الناشئة كي تحصل على مبالغ أكبر من المال في مراحلها المبكرة.  واكتسبت هذه الاتفاقية شعبيّة كبيرة في مجتمع الشركات الناشئة.

بعد ذلك بسنوات، ونتيجة لما سمّي بالنقص في حماية المستثمر في اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة، أطلقت حاضنة الأعمال “500 ستارتبس” (500 Startups) والتي أصبحت تعرف اليوم باسم “500 غلوبال” (500 Global)، ما أسمته اتفاقية “اجعلها أوراق مالية بسيطة” (KISS). وبعد ذلك، طوّرت الشركة هذه الاتفاقية بالتعاون مع شركات محاماة في “وادي السيليكون” بحيث أصبحت تستخدمها في استثماراتها وأتاحتها للعموم.

وبالتالي، أصبحت السندات القابلة للتحويل نوعًا من أنواع الدين أو القروض التي تستخدمها الشركات الناشئة لتأمين التمويل اللازم في مراحلها المبكرة، وهي عادة ما تكون بمثابة قرض يمكن تحويله إلى أسهم في جولات تمويل لاحقة. ولهذه السندات أنواع مختلفة ومنها “اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة” (SAFE) التي أطلقتها “واي كومبينيتور” و”اتفاقية اجعلها أوراق مالية بسيطة” (KISS) من “500 غلوبال”.

اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة (SAFE): تمثّل “اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة “سيف” (SAFE) عقد تمويلٍ يساعد الشركات الناشئة بشكل أساسيّ على زيادة رأس المال في جولة التمويل الأولى بدون التعقيد والكلفة اللذان يتطلّبهما الاستثماري التقليدي من خلال بيع الأسهم. لا تمثل الاتفاقيّة بحدّ ذاتها حصّة في الشركة المعنيّة، ولكن، يجب تحقيق شروط “سيف” قبل الحصول على هذه الحصة، وعادةً ما يتم تفعيلها عند الوصول إلى حجم تمويلٍ معيّن أو بعد فترة زمنية تكون محددة مسبقاً.

وبما أنّ اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة تُستخدم أساساً من قبل الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، فإنّ الاستثمار الأولي عادةً ما يكون أقلّ منه في جولات الاستثمار اللاحقة، ويقلّل هذا من المخاطر التي يتجنّبها المستثمرون ويسمح لهم بالمشاركة في مشاريع ذات احتمالية أكبر للنجاح.

الديون القابلة للتحويل (Convertible Notes): تمتلك الديون القابلة للتحويل بنيةً تشبه إلى حدٍّ كبير الديون شبه الرسمية، وتستمرّ بموجبها نسب الفائدة بالتراكم إلى حين تحويلها أو وصول تاريخ الاستحقاق، وتجري الأمور عادةً على النحو التالي: يقرض المستثمر المال للشركة الناشئة، وبدلاً من أن تسدّ هذه الأخيرة القرض مع فائدة، يحصل المستثمر على أسهمٍ في الشركة، وغالباً ما تُضاف الفائدة إلى الاستثمار عند تحويل القرض إلى أسهم. وللديون القابلة للتحويل تواريخ استحقاق، تحدّد مواعيد تحويل القرض أو سداده، كما يمكن استبدال خيار السداد بالتحويل الإلزامي.

اتفاقية اجعلها أوراق مالية بسيطة (KISS): أطلقت اتفاقية اجعلها أوراق مالية بسيطة “كيس” (KISS) من قبل مسرعة الشركات الناشئة “500 غلوبال” (500 Global)، وهي من أدوات السندات القابلة للتحويل مشابهة لاتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة. تضمّ اتفاقية “كيس” بعضًا من عناصر السندات القابلة للتحويل، إلا أنّها تختلف عنها بكونها تنصّ على سقفٍ للتقييم، وخصمًا لحامل الأداة. وتتحوّل هذه الاتفاقيّة إلى أسهم في الجولات الاستثمارية اللاحقة إذا كان الاستثمار يفوق مبلغًا معينًا أو عند الوصول إلى تاريخ الاستحقاق (أكثر من مليون دولار أميركي مثلًا). وتعدّ اتفاقية “كيس” نسخة مبسّطة من السندات القابلة للتحويل، والمصمّمة لجعل عملية جمع رأس المال أسهل بالنسبة للشركات والمستثمرين على حدٍّ سواء.

 

ما الفرق بين الأنواع الثلاثة للسندات القابلة للتحويل؟

تخدم السندات القابلة للتحويل الهدف نفسه، ألا وهو مساعدة الشركات الناشئة في جمع أموال بشكل مبسط وسريع، إلا أنّ هناك بعض الاختلافات التي تلاحظ بينها، أبرزها مدى التعقيد والفوائد.

تعدّ اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة (SAFE) أبسط أشكال السندات القابلة للتحويل من حيث التطبيق، ولا تفرض أيّ فوائد أو نسب استحقاق، فيما تُعتبر الديون القابلة للتحويل أكثر تعقيداً لكونها تقوم على القروض والفوائد وتواريخ الاستحقاق الدقيقة، وهي ليست الخيار الأمثل للشركات الناشئة. أمّا اتفاقية اجعلها أوراق مالية بسيطة (KISS)، فهي لا تختلف كثيراً عن اتفاقية الأسهم المستقبلية البسيطة، إلّا أنّها تختلف عنها بكونها تتضمّن في بعض الأحيان تواريخ استحقاق، وفوائد، والمزيد مما يسمّى بـ”حقوق المستثمر”.

 

أيّ مستثمرين يقدّمون التمويل عبر السندات القابلة للتحويل؟

لا شكّ في أنّ السندات القابلة للتحويل هي الخيار الأمثل للمستثمرين الذين يسعون إلى مردودٍ يفوق ما قد تعود به السندات العادية، ودخلاً أعلى مما تقدمه الأسهم العادية. كما تقدّم السندات القابلة للتحويل، على سبيل المثال، نسبة فائدة أقلّ من السند العادي، ومع ذلك، تمنح خاصية تحويل السندات إلى أسهمٍ عاديّة قيمةً إضافية لمالكها.

ويقدّم التمويل عبر السندات القابلة للتحويل عادةً صناديق الاستثمار الجريء لأنّها تسمح لهم بتقديم التمويل في مراحل الشركة الناشئة المبكرة، حيث عادة ما يكون حجم التمويل أصغر في هذه المراحل وتكون إيرادات الشركة الناشئة ضئيلة. ويسمح تقديم التمويل عبر السندات القابلة للتحويل للمستثمرين الجريئين بتقييم الشركة الناشئة على مدى زمني أطول ريثما يقررون ما إذا كانوا يستثمرون مبالغ أكبر فيما بعد، كما يخوّل روّاد الأعمال من الحصول على الاستثمار الجريء في مرحلة مبكرة من دون التخلي عن حقوق الملكية في الوقت الراهن.

 

ما هي إيجابيات وسلبيات التمويل بالسندات القابلة للتحويل؟

للسندات القابلة للتحويل جملةٌ من الإيجابيّات والسلبيات، تستطيع الشركة الناشئة قياسها وفقاً لاحتياجاتها، فتدرك ما إذا كانت متناسبة مع حاجاتها. من إيجابيات السندات القابلة للتحويل أنّها تسمح للمستثمرين بتلقّي مدفوعات الفائدة بأسعار ثابتة، مع إمكانية تحويلها إلى أسهم والاستفادة من زيادة أسعارها في وقت لاحق. كما تمنح المستثمرين حماية من بعض المخاطر، إذ تتمّ عمليات استرداد المستحقات لحاملي السندات في حال تصفية الشركة قبل مالكي الأسهم العادية.

وتمكّن السندات القابلة للتحويل الشركات الناشئة من جمع أموال واستثمارات دون الحاجة لتخفيض نسب ملكية المستثمرين الحاليين في الشركة، بالإضافة إلى أنّها تعطي الشركات الناشئة فرصة دفع فوائد أقلّ مقابل ديونها مقارنةً بالسندات التقليدية. في المقابل، بالنسبة إلى المستثمر أو الجهة المقرضة، تقدّم السندات القابلة للتحويل معدّلات فائدة أقلّ نتيجةً لتوفّر خيار تحويل السندات إلى أسهم عادية، في وقت يساهم المستثمرون بتحمّل مخاطر إضافيّة. أمّا بالنسبة للشركة الناشئة، فقد تنخفض قيمة الحصص عند تحويل السندات إلى أسهم، مما قد يؤثر سلباً على سعر السهم الوحد.

 

في أي مراحل يمكن للشركات الناشئة أن تجمع التمويل بالسندات القابلة للتحويل؟

تستطيع الشركات الناشئة جمع تمويل السندات القابلة للتحويل في مراحل مختلفة من رحلتها التمويليّة، اعتماداً على كلٍّ من ظروفها وتفضيلات المستثمرين. ولكن، عادةً ما تكون السندات القابلة للتحويل أكثر استخداماً في جولات التمويل التأسيسي (البذرة) أو جولات التمويل البينية (الجسر).

جولات التمويل التأسيسي (البذرة – Seed): قد تجمع الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة تمويلًا عبر السندات القابلة للتحويل كجزءٍ من جولات التمويل الأولية، ويمكن أن يحدث هذا عندما تكون الشركة لا تزال في صدد تأسيس نموذجها التجاري أو منتجها أو مدى تناسبها مع السوق. قد يقدّم المستثمرون الملائكيين أو شركات رأس المال الجريء في مراحل مبكرة السندات القابلة للتحويل بهدف توفير رأس المال، مع تأجيل مفاوضات التقييم حتى الجولة الاستثمارية اللاحقة، حيث تتوافر المزيد من البيانات والقدرة على الاستقطاب.

 جولات التمويل البينيّة (الجسر – Bridge): تستخدم السندات القابلة للتحويل غالباً في جولات التمويل البينيّة، التي تأتي بين جولتي تمويل أساسيتين، وذلك بهدف توفير رأس المال على المدى القصير للشركة الناشئة حتى تتمكن من الوصول إلى جولة تمويل أكبر. قد تستخدم الشركات الناشئة هذا النوع من التمويل لدعم عمليّاتها، بينما تسعى للحصول على تمويلٍ إضافيّ أو تحقيق بعض الإنجازات. وتسمح السندات القابلة للتحويل في جولات التمويل البينيّة توفير رأس المال في وقتٍ قياسي، دون الحاجة إلى تحديد قيمة الشركة على الفور.

يوضح طرفا الاستثمار عادة، أي الشركة الناشئة والمستثمر، طريقة الاستثمار وما إذا كانت تنطوي على أسهم قابلة للتحويل ويذكران ذلك في مذكرة الشروط. توفّر بعض المؤسسات في المملكة العربية السعودية نماذج عن مذكرات الشروط الأساسية، كتلك التي تقدّمها “جمعية رأس المال الجريء والملكية الخاصة” (SAVCPEA) لتمكين وتطوير قطاع رأس المال الجريء والملكية الخاصة والربط بينهما، و“مجموعة عقال”، وهي منصة تجمع بين المستثمرين الملائكيين وأصحاب الشركات الريادية الناشئة.

تقدّم “جمعية رأس المال الجريء والملكية الخاصة” نموذجًا مجانيًا لمذكرة الشروط بالتعاون مع مكتب محاماة وشركة استشارية، ويمكن تحميل النموذج من هنا. وبدورها، تقدّم “عقال” نموذجًا مجانيًا أيضًا لمذكرة الشروط، متوافقًا مع الشريعة الإسلامية، باللغتين العربية والإنجليزية. يتضمّن نموذج “عقال” التمويل كقرض حسن في شقّه الأول، والوعد ببيع الأسهم والتملّك في شقّه الثاني، ويمكن تحميله من هنا. قد لا يكون الحصول على التمويل بالسندات القابلة للتحويل شائعًا، إلا أنّه ليس مستحيلاً بالنسبة إلى الشركات الناشئة، لا سيما إذا واجهت تحدياتٍ عرقلت قدرتها على التمويل بالأسهم، أو كانت بحاجة إلى جمع رأس المال بسرعة دون تحديد قيمة الشركة على الفور.